Page 82 - web
P. 82

‫«الفضاء السيبراني»‬                                                                                       ‫مقالات‬
                                                                                                                     ‫وآراء‬
      ‫ليس مساحة آمنة للأطفال‬
                                                                                                            ‫بالاتفــــــاق مع‬
‫هنـــاك أطفـــال يعيشـــون بيننـــا‪ ،‬فـــي حيـــن يجوبـــون العالـــم مـــن خـــال شاشـــة رقميـــة وألعاب‬
‫إلكترونيـــة‪ ،‬العزلـــة تـــؤدي إلى الانطـــواء‪ ،‬والضعـــف الاجتماعي يســـبب الاكتئاب‪ ،‬يســـافرون في‬           ‫رائد الخريف‬
‫الفضـــاء الرقمـــي بلا ضوابـــط‪ ،‬يحلقون بعي ًدا عـــن أعين الرقابـــة‪ ،‬يتعرضون للتنمر وربمـــا للابتزاز‪.‬‬
                                                                                                                          ‫‪82‬‬
                        ‫إذ يشـــكل مـــن تعرضـــوا لهـــذا نســـبة بالغة في كثيـــر مـــن المجتمعات‪.‬‬
‫قصـــة ليســـت حديثـــة أو مســـتحدثة‪ ،‬بـــل باتـــت تعاني منهـــا العديـــد من العائـــات فـــي العالم‪،‬‬
‫وتتطـــور تدريج ًيـــا مع اختـــاف الأجيال‪ ،‬أطفال يفقـــدون براءتهم مـــن خلال الإنترنـــت‪ ،‬ويفتقدون‬
‫مهـــارات الاتصـــال بســـبب عزلتهـــم‪ ،‬ســـاعات طويلـــة من الجلـــوس واللعـــب بلا رقيب‪ ،‬مشـــاهد‬
‫ومناظـــر قد تؤدي إلى الضياع‪ ،‬اســـتغلالهم جنســـ ًيا وعاطف ًيا بات مقل ًقا‪ ،‬وابتزازهم أصبح شـــائ ًعا‬

                                                                     ‫فـــي كثير مـــن البلدان‪.‬‬
‫تقـــول المنظمـــة الدولية للشـــرطة الجنائيـــة «الإنتربول» علـــى موقعها الرســـمي‪« :‬تحتوي قاعدة‬
‫بيانـــات الإنتربول لصور الاســـتغلال الجنســـي للأطفال علـــى أكثر من ‪ 2.7‬مليـــون صورة ومقطع‬

                 ‫فيديـــو‪ ،‬وســـاعدت في تحديـــد هوية ‪ 23.500‬ضحيـــة في جميع أنحـــاء العالم»‪.‬‬
‫إذ باشـــرت كثيـــ ًرا من حالات الاعتـــداء والتنمر والابتزاز‪ ،‬التي تعرض لهـــا الأطفال حول العالم‪ .‬قبل‬
‫عاميـــن‪ ،‬وتحدي ًدا ســـنة ‪ ،2018‬وقامت «الإنتربول» بعمل دراســـة بالتعاون مع شـــبكة “‪”ECPAT‬‬
‫العالميـــة؛ لمجموعة عشـــوائية مـــن مقاطع الفيديو والصور المســـجلة‪ ،‬ووف ًقا للدراســـة تبين أنه‬
‫كلمـــا كانـــت الضحيـــة أصغر ســـًنا اشـــتدت الإســـاءة إليها أكثـــر‪ ،‬وأن أكثر مـــن ‪ 60‬فـــي المئة من‬

                                ‫الضحايـــا مجهولي الهوية هـــم من اليافعين دون ســـن البلوغ‪.‬‬
                                                         ‫الأطفال الذين يستخدمون الإنترنت‬

‫الأطفـــال في فضـــاء الإنترنت يقودهـــم فضولهم‪ ،‬وحماســـهم ليتعرفوا على خبايـــا ودهاليز هذه‬
‫الشـــبكة‪ ،‬بعدهـــا ينزوون في خندق صغيـــر‪ ،‬لا صلة ولا تواصل‪ ،‬لتتحول حياتهـــم إلى مجرد أجهزة‪.‬‬
‫كثيـــر من الأطفال ممن يســـتخدم الإنترنت يجهلون قيمة هذه الشـــبكة‪ ،‬وقـــد يتعرضون للقرصنة‬
‫نتيجـــة عـــدم الإلمام‪ ،‬وعـــدم قدرتهم على التعامل مع شـــبكة مليئـــة بكل أنواع البشـــر‪ ،‬ويخلقون‬
‫علاقـــات مـــع أشـــخاص مـــن جنســـيات عـــدة‪ ،‬لتتحول إلـــى صداقـــة عميقة بعـــد مدة‪ ،‬فـــي عالم‬
‫مختلـــف‪ ،‬وفـــي قريـــة صغيرة بعيـــ ًدا عن ضغوط الحيـــاة‪ ،‬ولكنها مكتظة بالبشـــر‪ ،‬مرعبة وليســـت‬

                                                                                     ‫آ منة ‪.‬‬
‫هناك محاســـن وهناك مســـاوئ‪ ،‬الوالـــدان دائ ًما ما يحاولـــون إيجاد الأفضل لطفلهمـــا‪ ،‬وبالتأكيد‬
‫الإنترنـــت خيـــار جيد لتعلم الطفل‪ ،‬ولرفع مســـتوى الوعـــي لديه‪ ،‬وتثقيفه وتوســـيع مداركه‪ ،‬ولكن‬
‫مـــع مراعـــاة عمره‪ ،‬إذ تشـــير البيانات بحســـب الاتحاد الدولـــي للاتصالات (‪ ،)ITU‬إلـــى أن الأطفال‬
‫والشـــباب الذيـــن يســـتخدمون الإنترنـــت لمجموعة واســـعة من أنشـــطة البحث عـــن المعلومات‬
‫هـــم غال ًبـــا أكبر ســـًنا‪ ،‬ويتمتعـــون بالقـــدرة على الانخـــراط في مجموعة أوســـع من الأنشـــطة عبر‬
‫الإنترنـــت بشـــكل عـــام‪ ،‬ولوالديهم موقـــف داعم ومســـاعد تجاه اســـتعمال الإنترنت‪ ،‬فـــي حين‬
‫تؤكـــد‪ ،‬أن الأطفـــال الأصغر ســـًنا بوجه خـــاص بحاجة إلى مزيـــد من الدعم‪ ،‬إما مـــن أولياء أمورهم‬
‫أو مدارســـهم أو مقدمـــي الخدمات الرقمية‪ ،‬لتشـــجيعهم ومســـاعدتهم على النهـــوض بحقوقهم‬

                                                                       ‫في العالـــم الرقمي‪.‬‬
‫الأطفـــال الذيـــن يعيشـــون فـــي الـــدول المتقدمـــة والغنيـــة وذات الدخـــل المرتفـــع يســـتطيعون‬
‫الوصـــول إلـــى الإنترنـــت أكثـــر من الـــدول منخفضـــة الدخـــل‪ ،‬وذلك بحســـب تقرير مشـــترك بين‬
   77   78   79   80   81   82   83   84   85   86   87